«الرمسة الإماراتية»
يستهين البعض وهم منا برمستنا ويلعبون بها في السيرة واليية فعند اللقاء يسأل أحدهم صاحبه: هاه.. شو مسوي؟ فيرد الذكي الثاني: ماشي.. وانته شو مسوي؟ فأدخل عليهم: خير.. شو مستوي؟ ويحترق قلبي على لهجة مات الآباء من أجل ترسيخها كعنصر أساسي من عناصر الهوية، هاهي تقف، ترتجف ويُنفَثُ في وجهها الرماد والدخان و”الضو مب طايع يلبق”. فقررت أن أقوم بعملٍ مشين كتصفح الشبكة الصيادية بحثاً عن ما طَبَعَـهُ هؤلاء المتحدثون عن طريقها حتى استبدلوا فأغنتهم والحواسيب عن الوالدين وسائر العشيرة. فتعثرت بمواقع تدعو ويدعي من ورائها بتعليم اللهجة الإماراتية في ثواني، ولهذه العبارة معنى واحد ألا وهو إن جهد بعضنا الآخر في جمع معارف و دواخل هذه اللهجة “ذهب هباء منثورا” ! ففتحت المواقع متصفحة وإليكم بعض ما ورد للتعليم اللهجة الإماراتية في ثواني: غرشه بمعنى زجاجه، كرخانه أي آلة الخياطة، السبيتان هو المستشفى، الديوانية هي مجلس الرجال، ما تيوز أي ما تترك، أزغر فلان تعنى ناده، برع تعنى برا، مخده بمعنى وساده، حووووووووووه هو نوع من أنواع النداء. وينتقل صاحب القاموس “العجيز” من حووووووووووه مباشرةً إلى كلمة محورية وهي خْديّْه بمعنى واحد اهبل أو مجنون (على حد قوله). ويأتي بصفات الأشخاص فيقول النعوب هو الشخص اللي دووم يعااارض ويقول للعرب لا تسيرون المكان الفلاني. ومن الألوان يتحدث عن البرمـيتي وهو اللون الوردي الفاتح نسـبة إلي البــرميـت وهـو نــوع مـن الحــلوى والجــاكلــيتي هو اللون البنــي الغـامق. ويدخل في تفاصيل البيوت ليسمي الدرواز الباب، والدوبي هو المكان اللي يكوون فيه الملابس ويغسلونها، الشولة هي الطباخة، الحوي هوالحديقة مال البيت، النقا هو الرمل النظيف الأبيض، وموايه التخاشم يعني الموايه بالخشوم، الطاسة تعني الصحن، التفق هي المسدس، غجّْه هو الشخص الغبي وكشرة إي قمامة. ثم يدخل صاحب القاموس في الجد فيجسد صورة بعيدة عن واقعنا كعبارة عطيني مقفاج أي أذلفي روحي عني (وهي مصممة للمرأة على مايبدو من تأنيثها) و إليكم أهم اكتشاف إن الإماراتيين يسمون الراديو مسجل!
وفي وسط هذا الكم الهائل من اللاشيء وقبل الخروج من متاهة العدم وجدت كلمتين أثارتا فضولي. الأولى كلمة أتهيس فسرها صاحب الموقع بأنها تعني الإمساك بالشيء أو لمسه وتناسى انها تعنى جس النبض ووجهة النظر! أما القشة القاصمة فتكمن شرحه لمبدأ النعّْم أوما يقال للثناء على الرجل “التكانة” في حضوره أو غيابه.
وما يعلل انتشار حمى “الضو” هو اننا في موسمِ البر وإيقاد النار اللي نوريها وعقب نشبها يالين تقص أو تقطع. وما أثارني من الأمر كله أن الفتاة حاولت إقناع الضو ولكن الضو رفضت وما طاعت تلبق ما أجبرهن على العودة إلى البيت. ونسى هذا الجيل إني وأبناء جيلي كنا ننام مع الضو الوارية في الكوار داخل الخيمة ولم نحتاج إلى رحلة نختلي فيها بالضو.
لذا قطعنا العزم للتصدي لهذا الطوفان المدمر من الرمسة المخبقة والقاتلة لتفاصيل لهجتنا وسنواجهه بكل ما اُتينا من قوة وهذا بلا أدنى شك ما سنفعله أيضاً للدفاع عن أرضنا واُولي أمرنا والأمر لله.
bilkhair@hotmail.com